لا تنتصر على أهلك… فالانتصار عليهم هزيمة
ليست كل الحروب تُخاض بالسلاح، بعضُها يدور في الصدر، في الذاكرة، في روابط الدم.
وحين يكون خصمك من أهلك، تصبح المعركة خاسرة قبل أن تبدأ، ولو رفعت فيها راية النصر.
قد يدفعك الظلم إلى المواجهة، ويستفزك الجرح لتردّ،
لكن هناك حقائق لا تُقال كثيرًا:
أنك حين تُغلب من تحب، حين تُسكت صوتهم بالصوت أو المنطق أو حتى العدالة… تخسر شيئًا منك.
شيئًا صغيرًا، لكنه عميق، لا يُعوّض.
فالانتصار في بيتك ليس مجدًا،
بل ندبة لا تراها العيون، لكنها تسكن قلبك إلى الأبد.
الدم إذا صار خصمًا، نزفك لا يتوقّف،
لا لأنك انجرحت، بل لأنك كُسرت من الداخل… من موضع الثقة والانتماء والأصل.
سيقولون لك: “لا تسكت عن حقك”.
وسيخونك صوتك الداخلي، يطالبك بأن تواجه، بأن تقاتل…
لكن الحكيم لا يدخل حربًا يعرف أن الخسائر فيها لن تكون عادلة،
لأنها ليست ضد غريب، بل ضد من شكّلك يومًا، حتى لو جرحك.
الانتصار على الأهل ليس بطولة،
بل فصلٌ من الحزن لا يُكتب،
وخسارة في معركة لم يكن ينبغي أن تبدأ.
غادر إذا احتدمت المعركة،
غادر بصمت، لا هربًا… بل حفاظًا على ما تبقى منك ومنهم.
فبعض النزاعات لا تُكسب… تُتجنّب.
وبعض الكرامة لا تُسترد بالرد، بل بالحفاظ على ما تبقى من صلة الرحم، حتى لو كانت مجروحة.
د. صباح الجهني
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق