الثلاثاء، 27 مايو 2025

متى نتعلـم ؟ متى نتحرر ؟

   


" أنا لست ما حدث لي.. بل ما اخترت أن أكونه "

                            فرجينيا وولف

ثمة لحظة داخلية لا تعلَن، لكنها تشطر الإنسان نصفين. لحظة نضج لا تأتي من القراءة أو التراكم، بل من الشرخ، من الشك، من ارتطام القلب بما لا يحتمَل.

في وجه الألم، تنقلب موازين الفهم.

حين نعتبر الألم والكسرة لحظة تأمل لا تهشيم، يتغير شيءٌ فينا.

نصبح نرى العالم بعين ثالثة، لا هي عين العقل المجرد، ولا عين القلب العاطفي، بل عينٌ تجمع بينهما وتنظر من الداخل.

حتى فتات أفكارنا المسكوبة تصبح قابلة للفرز، للحكمة، للخلق.

هكذا نتعلم.

نتعلم عندما نصيغ أخلاقًا جديدة تتلاءم مع “العدل الرحيمي” عدلٌ لا ينتقم، بل يربت على الكسر ويرممه بلطف.

عندما يصبح السلام مع فئات الناس خطابًا داخليًا لا مرهَفًا، يرفض إبطال دهشته، ويدرك أثر الحنان في العائلة، وعمق الجدوى في العلاقات.

الفتاة التي تسكنني – أو أنا التي تسكنها – تعيش بين مفارقة الحرية والقيود.

مفعمة بالتحرر، ومختنقة بكبرياء الألم.

تقاوم..لكنها لا تكسر.

تختنق..لكنها لا تبوح.

تلتزم الأخلاق لا حبًا في القيود، بل لأنها لا تزال تجرب أن تكون هي… رغم كل شيء.

هذه الفتاة لا تملك رفاهية الانبهار..لأن صدماتها كانت دومًا "مسبقة مهذبة"توقعتها فخف أثرها،لكنها تركت أثرًا داخليًا شاسعًا، لا يمحى.

ومع كل لقاء جديد، لا تكتنز كثيرًا من الذكريات.

تسجل في داخلها حالة عابرة من الانتباه، ثم تمضي.

ذلك أن الذاكرة لم تعد مأوىً آمنا، بل مكانًا متوترًا مشحونًا بالافتراضات والتجارب المؤجلة.

الفرق الحقيقي، يكمن في هذا السؤال:

هل تسامي قلبك الوجود؟

إن لم تفعل، ستظل تتعلم متأخرًا، وتستمر في استنشاق الضمور من الحزن، وكأن الحزن أصبح لك عادة.

التحرر لا يبدأ من كسر القيود، بل من كسر عادة الصمت تجاه النفس.

حين نصغي لأنفسنا في صدق، سنتعلم… ونتحرر

د. صباح الجهني

دفاتر الحنين

  دفاتر الحنين حين يصبح الحب ذكرى لم تولد بعد ذاك الحب لا يموت. يتحول إلى ظلّ، إلى نغمة عابرة في لحظة صمت، إلى طرف غيمة تمرّ في السماء، ف...