السبت، 28 يونيو 2025

عين تتأمل، وعين تتمزق: المرأة بين دافنشي وبيكاسو”

 






عين تتأمل، وعين تتمزق: المرأة بين دافنشي وبيكاسو”



حين  أطلتُ التأمل في صورة المرأة كما رسمها نيتشه بكلماته القاسية، وتشيخوف بصمته الحنون، وجدتني أنزلق ـ دون قصد ـ إلى عالمٍ آخر، لا تحكمه الفلسفة ولا تُقيّده اللغة، بل يمتد عبر الألوان والخطوط والظلال. هناك، على ضفاف اللوحة، تتجلّى المرأة كما لم تُكتب من قبل: عند بيكاسو، مفكّكة وممزّقة بين الانفعال والتكوين، وعند دا فينشي، ساكنة كالسِرّ، موحية كالحقيقة التي لا تُقال.

ذلك الانتقال من النص إلى الصورة لم يكن هروبًا، بل استكمالًا لرؤيةٍ لم تكتمل إلا عندما التقت الفكرة بالملامح


ليست المرأة في الفن مجرّد ملامح تُنقل إلى القماش، بل هي سؤال يتسلل من قلب الفنان، ويعود إليه بألف جواب.

هي ليست ما نراه، بل ما نستبطنه. وجهٌ يُرسم، لكن المعنى في الظل.


بين ليوناردو دافنشي وبابلو بيكاسو تمتدّ مسافة شاسعة لا يقيسها الزمن وحده، بل يقيسها اختلاف النظرة إلى المرأة ذاتها:

هل هي سرّ صامت يسكن الكون؟

أم هي تمزقٌ داخلي يتخذ هيئة أنثى؟


🕊️ دافنشي: المرأة كصمتٍ كوني في لوحات دافنشي، لا تصرخ المرأة ولا تبوح، بل تجلس بهدوءٍ يشبه الحكمة.

وجهها نصف ابتسامة، وعيناها لا تنظران إلى الخارج بقدر ما تحدّقان في الداخل.

كأن الجمال عنده لا يُستعجل، بل يُنتظر.

كأن المرأة لا تُرى دفعة واحدة، بل تُفهم كما تُفهم اللغة القديمة أو النبوءة الغامضة.


الموناليزا، على شهرتها، لم تكن عارضة أزياء لعصر النهضة، بل كانت تمثيلًا رمزيًا لفكرة التوازن والاكتمال.

جمالها ليس في تفاصيل وجهها، بل في الهالة التي تُحيط بها،

كأنها أتت من مكانٍ لا يُعرف، لتقول شيئًا لا يُقال.


كان دافنشي يرى المرأة امتدادًا للكون، كائناً له صلته بالنور والظل، بالماء والرياح، بالعقل والصمت.

لم يُغوِه الجسد، بل استوقفه التأمل.

لم يرَ في المرأة جسدًا يُمتلك، بل لغزًا يُقرأ ببطء، بعينٍ تحب الفهم أكثر من الحيازة.


🔥 بيكاسو: المرأة كمرآة للتمزق أما في لوحات بيكاسو، فكل شيء يتفتت.

الوجه يتكسر، الجسد يتشظى، العين تغادر مكانها، والفم قد لا يكون فمًا.


المرأة هنا ليست حضورًا مطمئنًا، بل كائنًا خرج من رحم العاصفة.

ليست رمزًا للسكينة، بل تجلٍّ للفوضى،

ليست صورة لامرأة، بل صورة لما فعلته المرأة به،

أو لما فعله هو في قلبه حين رآها، وأحبّها، وخافها، واشتهاها، ونفر منها.


كان يرسمها كأنما يحاكمها، لا كأنما يتأملها.

في كل لوحة، يخرج اللاوعي من قفصه،

وتنطق الفرشاة بما سُكت عنه طويلًا.


لم يكن الجمال عنده هدفًا، بل أثر جرح أو اشتعال.

لم يكن يهتم بملامح المرأة، بل بتمزّقها في داخله.


ولهذا، بدت النساء في أعماله وكأنهن كائنات من حلم مشوّه، أو كابوس لذيذ.

جاذبيتهن لم تكن في اكتمالهن، بل في تناقضهن، في هشاشتهن، في القدرة على أن يكنّ كل شيء ولا شيء في لحظة واحدة.


 الفن كأداة: بين التأمل والاعتراف


في لوحات دافنشي، الفن صلاة صامتة.

وفي لوحات بيكاسو، الفن اعتراف صارخ.


دافنشي يرى المرأة كما يجب أن تكون،

وبيكاسو يراها كما تفعله فيه.


الأول يؤمن بالتناغم، بالتكوين، بالهندسة الدقيقة للجمال.

والثاني يُسلّم نفسه للتيار الداخلي،

يُعطي اللاوعي المقود، ويترك القماش ليقول ما لا يجرؤ عليه العقل.


وهكذا، ترسم العين الأولى امرأة من نور ووعي وطمأنينة،

وترسم العين الثانية امرأة من نار، وقلق، وغريزة تتقاطع مع الذكرى والخذلان.


🪞 المرأة كمرآة لا كموضوع


المرأة في الفن ليست شيئًا يُرسم، بل شخصًا يُسكن اللوحة ليكشف من يرسم.

ولهذا، لا نخرج من أعمال دافنشي أو بيكاسو بصورة واضحة للمرأة،

بل نخرج بصورة أوضح لهم، هم أنفسهم.


فدافنشي كان يبحث عن نظامٍ أوسع من الفوضى،

وبيكاسو كان يغرق في الفوضى كي يرى ما تبقى من ذاته.


كلاهما رسم امرأة،

لكن إحداهن تنتمي إلى عالمٍ متوازن له مركز،

والأخرى تشبه الشظايا الطائرة من قلبٍ مفكك.


🎭 خاتمة: ما الذي نراه حين نرى المرأة؟


حين نرى المرأة في لوحة، هل نراها هي؟

أم نرى من رسمها؟

أم نرى نحن أنفسنا؟


ربما كانت المرأة في الفن، كما في الحياة، مرآة لكل هذا:

مرآة للزمن، للذات، للرغبة، للفقد، وللصمت العميق الذي لا يُسمّى.


د. صباح الجهني 

الجمعة، 27 يونيو 2025

المرأة في مرآة الفلسفة والأدب

 






بين احتقار نيتشه ورقّة تشيخوف: قراءة في ضعفٍ منسوب وصمتٍ مفكَّر فيه


في تضاريس الفكر وتعرجات الأدب، تلوح المرأة أحيانًا كرمزٍ غامض، وأحيانًا ككائنٍ نابض بالحياة، يتأرجح بين القوة والخذلان، بين النداء والصمت. وفي هذا التردد الأزلي، نجد صورتها تتجاذبها رؤيتان متناقضتان: نيتشه الذي رآها خطرًا مموَّهًا بالرقة، وتشيخوف الذي رآها إنسانًا يتكلم أحيانًا بصوت، وغالبًا بدمعة.


حين نقرأ نيتشه، نشعر أننا أمام عاصفة فكرية تهدم كل يقين مستقر. فكرٌ ثائر، لا يرحم الثوابت، ولا يهادن المفاهيم. لكنه حين التفت إلى المرأة، لم يُجدد الخطاب، بل وقع في فخّ قديم؛ رآها كائنًا هشًا، غريزيًا، لا يعيش إلا في ظلّ الخضوع، ويذبل حين تمنحه الحرية. في أكثر عباراته شهرةً – وربما أشدها قسوة – قال:


“أتذهب إلى المرأة؟ لا تنس السوط.”


ليست العبارة مجرد دعابة عابرة، بل تصورٌ كامل يُحمّل المرأة دور الفتنة والخطر، لا بوصفها قوية، بل لأنها تستدرج القوة إلى فخ الضعف، وتربك السادة بإغوائها الناعم. في فلسفة نيتشه، المرأة لا تشارك في “إرادة القوة”، بل تُهددها من الداخل، بوصفها طفلة متنكرة، ناقصة، غير عقلانية، وعاجزة عن الصداقة، بل عن مواجهة الحقيقة.


الأنوثة – عند نيتشه – ليست تجربة إنسانية، بل استعارة رمزية للفوضى والضعف، وهي نقيض “الرجل-السيد”، الذي يتجسد فيه العقل والتفوق والإرادة. وهكذا، فإن نيتشه – رغم تمرّده – كرّس الثنائية ذاتها التي زعم أنه يهدمها.


لكن بعيدًا عن فجاجة نيتشه، وفي زاوية هادئة من الأدب الروسي، كان أنطون تشيخوف يكتب شيئًا مختلفًا تمامًا. لم يضع المرأة على منبر التقديس، ولم يجرّدها من إنسانيتها. كتبها كما هي: مرهقة، حالمة، ضاحكة بعينٍ دامعة، باحثة عن معنى وسط ركام الحياة اليومية.


تشيخوف لم يكن واعظًا، ولم يتخذ موقفًا أخلاقيًا حادًا. بل كان يصغي. يصمت أمام وجعها، يكتب دمعتها كأنها لغة، وصمتها كأنه نداءٌ خفي. المرأة في أعماله لا تمثل الضعف، ولا الشر، بل الوجود الإنساني بكل تعقيداته. هي التي تنتظر، وتحب، وتخون، وتغفر، وتكتب رسائل لا تصل.


في “الشقيقات الثلاث”، تقول ماشا:


“أريد أن أعيش… أن أعيش، وأحب، وأتعلم… لكن الحياة تمضي، ولا شيء يحدث.”


جملة واحدة كافية لتلخّص وجعًا صامتًا تعيشه ملايين النساء، حيث تمر الأيام بلا معنى، والأحلام تُطوى بصمت.


ما فعله تشيخوف أنه لم يحاول تفسير المرأة، بل منحها مساحة لتكون. لم يُخضعها للفكر، بل تركها تمشي في النص، تتنفس، وتتناقض، وتنهار ببطء أمام القارئ، لا لتثير شفقته، بل لتجعله يرى هشاشته في مرآتها.


وفي المسافة بين نيتشه وتشيخوف، تتبدّى المرأة ككائن لا يحتاج إلى سوط، ولا إلى أريكة تحليل نفسي. لا تطلب الترويض باسم الإرادة، ولا الإنقاذ باسم الشفقة. ما تحتاجه هو أن تُكتب بصوتها، لا عن صوتها.


نيتشه، برغم عبقريته، وقع في شرك الرمز، حين جعل من المرأة استعارةً للاضطراب، لا كيانًا حرًّا قادرًا على التعبير. أما تشيخوف، فقد كتب من موقع الطبيب لا الفيلسوف؛ لم يكن هدفه أن يُخضع المرأة لفهمٍ نظري، بل أن يُنصت لصوتها حتى من خلال سكوتها.


وفي الختام، قد تظل المرأة – في أعين نيتشه – “لغزًا لا يُحلّ إلا بالحمل”، لكنها – في عالم تشيخوف – إنسانٌ لا يُفهم إلا بالتعاطف.


فهل نحتاج فعلًا أن نفهم المرأة؟

أم يكفي أن نترك لها الحق بأن تكون… بلا تفسير، ولا ترويض، ولا أحكام؟


د . صباح الجهني 

الأربعاء، 25 يونيو 2025

الغياب الصامت


 


 الغياب الصامت


ثمة لحظات لا يكون فيها الغياب مجرد نهاية، بل بداية لحضور آخر أكثر اتساعاً.

ذلك الذي نفتقده لا يرحل حقاً، بل يتخفى في زوايا ذاكرتنا، يتنفس بين تفاصيل الأيام، يكمن في المسافة بين نبضة وأخرى.


في قلب الاشتياق تنمو أسئلة الوجود بصمت:

لماذا يصبح الآخر امتداداً لذواتنا؟

كيف يترك فينا هذا الأثر العميق، حتى حين يغيب، نظل نحيا به، ونرتب تفاصيلنا على إيقاع صورته الغائبة؟

على مواعيد صوته 

حتى  الوقت يتوقف عنده

الاشتياق هو ذلك الحبل الرفيع الذي يشدنا إلى جهة لا نراها، جهة نعبر نحوها بالذكريات والأمنيات المؤجلة.

هو وطن صغير  يسكن بداخله حين تضيق بنا خرائط الواقع.


ليس افتقاداً عابراً كما يظن من لا يعرف؛

إنه درس خفي في هشاشة الاكتفاء،

تذكير يومي بأننا لا نحيا مكتفين بأنفسنا، بل نحيا بمن نحب، بمن عبروا أرواحنا وتركوا فيها ما لا يُنتزع.


وعلى تخوم الغياب يكتشف الإنسان أن الحضور لا يُقاس بالمسافة ولا بالزمن،

بل بالقدرة العجيبة لهذا الغائب أن يظل فينا… أكثر من كل الحاضرين

الاشتياق ليس مجرد حنين.

إنه نغمة  خفية تعزفها الروح في غياب الآخر، لحنٌ لا يسمعه إلا من عاني فراغ الوجود 

إنه الحضور الأشد للأشياء حين تغيب.

هو أن تمتلئ الأمكنة بملامحه، رغم أنه لم يعد هنا.


كلما توغل الاشتياق في القلب، كلما ازدادت المسافة اتساعًا بين ما نحن عليه وما كنا نصبحه حين يكون معنا.

فنحن لا نشتاق إليه فقط، بل نشتاق لأنفسنا في قربه، لذلك الجزء الذي استيقظ فينا حين لمس دفء حضوره أرواحنا.


يظن العابرون أن الاشتياق ضعف.

أما العارفون فيدركون أنه اعتراف عميق بفقر الإنسان أمام معنى الحب.

أن تكون مشتاقًا، هو أن تعترف بأن ثمة من استطاع أن يترك أثره في نسيج روحك، كمن نقش اسمه على جدران داخلك، نقشاً لا يمحوه الغياب ولا يغسله النسيان.

الاشتياق ليس فقط تذكُّر ماضٍ كان؛ بل هو توق دائم لاحتمالات لم تُولد بعد.

نشتاق لما عشناه، ولما كنا سنعيشه لو أن الزمن كان أكثر رحمة.

لأحاديث مؤجلة، لابتسامات مقموعة، لنظرات مرت سريعة ولم تكتمل.

هو مساحة بين الكينونة والعدم؛

هو تلك المنطقة الرمادية التي يقف فيها القلب، لا إلى الحضور ينتمي ولا إلى الغياب يستكين.

فهو يسمع صدى الصوت الغائب في صمته، ويرى ملامح الوجه الغائب في الفراغ الذي يزداد اتساعًا كل يوم.


في كل لحظة اشتياق، يتعرّى الإنسان من ادعاءات القوة، يعود كما خُلق أول مرة: هشًّا، صغيرًا، يبحث عن دفء الآخر كي يكتمل.

ولعل أعظم أسرار الاشتياق أنه يمنح الغائب قوة الحضور، ويمنح الحاضر هشاشة الرحيل.


الاشتياق هو قصيدة الغياب،

يكتبها القلب كلما طرق الليل أبواب الذاكرة



د . صباح الجهني

الخميس، 19 يونيو 2025

الخالدون الذين لا يموتون













الخالدون الذين لا يموتون

تأملات في الهروب من الموت ووهْم البقاء


في زاوية ما من وعي الإنسان، يسكن ذاك الهاجس القديم: كيف أهرب من النهاية؟

منذ أن وعى هشاشته الأولى، صار يحلم أن يمتد زمنه إلى ما بعده. أن يتخطى عتبة الغياب، ويبقى… رغم كل صرخات الكون بالنهاية


الموت لا يخيفنا لأنه مجهول فقط؛ بل لأنه يضع نقطة حاسمة في نهاية سطر الحياة. والإنسان — بطبعه — لا يحب النهايات المغلقة. نحن عشاق الفواصل، هواة الأبواب المواربة، نحب أن نترك شيئًا عالقًا خلفنا، كأن حياةً أخرى قد تبدأ من هناك.


وهكذا وُلِدت فكرة الخلود؛

أن يبقى شيء منا بعد أن نمضي.

أن نترك أثرًا لا يبتلعه النسيان، ولا تذروه الريح.


في الأساطير القديمة، حاولت الحضارات أن تروض هذا الرعب:

جلجامش يجوب الأرض بحثًا عن نبتة الحياة،

والفراعنة يغلقون قبورهم على أسرار الأبدية،

وعشتار تصنع من الموت حياة، ومن الفقد عودة لا تنتهي.


لكن الزمن لا يُجري صفقات مع أحد، والجسد — مهما تجمّلت له علوم الطب — ينحني في النهاية لضعفه.


وحين أدرك الإنسان حتمية رحيله، بدأ يفتش عن صورٍ أخرى للبقاء؛

في الأبناء الذين يحملون ملامحه،

في الكلمات التي يتركها على الورق،

في لوحة تُعلَّق على جدار بعيد،

في فكرة تلمع في رأس تلميذ بعده بسنين.


ربما لهذا كتب الشعراء قصائدهم كما تُزرع الأشجار،

ورسم الفنانون لوحاتهم كما تُشعل قناديل المساء،

وألّف الفلاسفة كتبهم كما تُنسج الأحلام،

وبنى العشاق أوطانهم الصغيرة من وعود مبللة بالشغف.


كلها محاولات يائسة أن يُسمَع صوتهم في الصمت الكبير بعد الغياب.


لكن حين نُمسك الحقيقة بأصابع التأمل، نجدها هشة:

الخلود كما يتصوره الإنسان خدعة عذبة.


إن المعنى لا يكمن في أن نستمر إلى الأبد، بل أن نحضر كاملين في اللحظة العابرة.


لو كنا خالدين لما عرفنا لوعة الاشتياق، ولا وهج التضحية، ولا رعشة الحب، ولا مرارة الفقد.

إنما كل لحظة تزداد قيمتها لأنها لا تتكرر.

وكل لقاء يصير ثمينًا لأنه ربما لا يتكرر ثانية.


الخلود الحقيقي ليس في كسر شوكة الموت، بل في ملء الحياة بالمعنى قبل أن يطويها الغياب.

في لمسة دافئة تترك أثرها في قلب آخر،

في كلمة تُضيء عتمة أحدهم يومًا،

في حبٍّ يظل حيًا في حياة من نحب حتى بعد أن نعبر.


نحن لا نُخلّد بأجسادنا، بل بنفحات أرواحنا التي تُضيء ما بعدنا.


وربما كانت هذه الحكمة كلها:

أن نحيا بعمق كأننا خالدون، مع يقيننا العميق أننا عابرون.


د. صباح الجهني  


الدين والتقليد مواسم متقلبة بين الخوف والعادة

  صراع  البشر بين الدين والتقليد: مواسم متقلّبة بين الخوف والعادة ما بين لحظة خوفٍ عميق وصوت ضميرٍ مرتجف، يتشبّث الإنسان بالدين. وما بين رخا...