نافذة تْـ طـَل عَليةَ….
عن الحبّ الذي يشبه الضوء: حاضر، لكنه لا يُمسّ.
تأمل في الحبّ الذي يبُهجَ بَصمٌت
الوجوه في البداية تتشابه.
كل ملامح العالم تبدأ وكأنها تذكّرني به.
ثمة رموز صامتة تملأ الفراغ من حولي،
تحدّق إليّ كأنها تعرف ما عجز لساني عن قوله،
وتتبعني كظلّ قلبٍ لم ينطفئ رغم الغياب.
هناك نافذة، نافذة واحدة فقط،
تُطلّ عليه من بعيد،
كأن الكون اختزل مسافاته في فتحة ضوء واحدة،
هو يقف هناك، في الطرف الآخر من الإشراق،
نعم هو النور الذي يمنحني الحياة
هو ذاته ما أراه ولا أستطيع لمسه
كأن الضوء بيننا حاجز،
كأن وهجه هو ما يمنعني من العبور إليه.
إنه حب يُبهج،
لكنه مثل الجمال الذي لا يُطال،
نور يمنح الطمأنينة،
كأن الضوء نفسه قرر أن يُثقلك بما لن تبلغه أبدًا.
أشعر بتعب لا اسم له.
تعب الغياب الذي لا يُعلن نفسه،
كأنك تحمل حبًا لا تعترف به، ولا تقدر على إنكاره.
والأشواق؟
تتدافع كالسيل في داخلك،
كأنك خُلقت لتحبّ… وحدك.
أحدق في الضوء القادم من النافذة،
أبحث عن صوته، عن ظلّ عينيه، عن نبرة خفيّة كانت تخصّه.
لكن لا شيء هناك… إلا وجعي.
ثم جاءت تلك اللحظة.
لم تكن مدوية،
بل هادئة كرحيل طيف،
نسيمٌ مرّ من حيث لا أدري،
لكنه همس بشيء بسيط:
“لستَ مضطرًا أن تحب وحدك، إلى الأبد.”
كأن الزمن توقّف للحظة ليسألني:
ألا يكفيك أن تُحبّ بعمقٍ، حتى لو لم يبادلك أحد؟
كأن الحنين الذي كان مغلقًا على ذاته،
انفتح فجأة على احتمالات جديدة.
باب صغير، لا يُفضي إليه،
لكن يسمح للضوء أن يدخل… من حلمٍ آخر.
ومن خلال ذلك الباب،
دخلت كلمات لم تكن له،
لكنها خففت عني.
وجملةٌ من شخص عابر،
أو نظرة لا تعنيني،
لكنها ضمّتني كأنني كنت وحيدة طويلًا.
فهمت أخيرًا:
بعض القلوب لا تأتي لتعطينا الحب،
بل لتدلنا على أننا نستحقه،
حتى لو لم نأخذه ممن أردنا
نافذتي ما زالت تطلّ عليه،
لكني لم أعد أطرقه كل ليلة.
النسيم ذاته،
هو أقل من حب،
وأكثر من سلام.
وأنا؟
ما زلت أحبه،
لكنني لم أعد أنتظره بالطريقة ذاتها.
⸻
د. صباح الجهني