🌙 حديثي مع الظلّ
ظلٌّ يعرف الطريق إلى قلبي دون أن أسأله
ويعرف متى أُطفئ ذاتي لأتّسع للسكينة.
كان حضوره يشبه الحلم الذي لا يُروى
يمرّ في داخلي كنسمةٍ من جهة الغيب
يأخذ شيئًا من خوفي ويعيده طمأنينة
ويترك على أطراف روحي أثرًا يشبه الدعاء.
لم يكن يقترب ولا يبتعد
كان يكتفي بأن يكون كأنه وُجد ليذكّرني بنفسي
يذكّرني أن في الصمت كلامًا لا يُقال
وفي العزلة حضورًا لا يزول
كنتُ أراه في انعكاس القمر على الزجاج
في النور الذي يتردّد بيني وبين المسافة
في لحظةٍ يُفتح فيها القلب على الغياب
كبابٍ يُفضي إلى يقينٍ أعمق من الرؤية.
كلّما حاولت أن أعرّف حضوره بالكلمات
هرب من اللغة
كأن المعنى لا يحتمل الحروف
وكأن قربه لا يُقاس إلا بالسكوت
لم يكن وعدًا ولا حبًّا كما يعرف الناس
بل معرفة من زمنٍ آخر
حضورٌ روحيّ يسري بيني وبينه كخيطٍ من ضوءٍ خالص
كان يرى بي ما غاب عني
ويعيدني إلى نفسي كلّما تاهت في الزمان.
وحين غاب
أدركت أنّ الغياب لا ينفي الوجود
بل يُعيده إلى شكله الأصلي: إلى النور
صرت أراه في كل إشراقة
في السكون الذي يسبق الفجر
في النسمة التي تمرّ بي ولا أعرف من أين جاءت
هو لم يكن رجلًا
كان معنى……..
وجهًا من وجوه السكينة
مرآةً أطلّ منها على سماءٍ أكبر من قلبي
وما بيني وبينه لم يُكتب في التراب
بل في سرّ الضوء
في الصفحة الخفية من القدر
التي يقرؤها القمر حين يمرّ على أرواحٍ تعرف بعضها دون أن تلتقي
فإذا سألني أحد عن الحب
قلت:
هو ذاك………. الذي لا يُرى، ولا يُفسَّر، ولا يُنتهى منه.
هو ظلّ النور في داخلي
يأتي حين أصمت
ويبقى… حتى بعد أن يغادر الجميع
د . صباح الجهني



تعليقات
إرسال تعليق