🖤 حين تُمسك الحرية بأجنحتها 🖤
لم يكن أحدٌ يتخيّل أن ذبّانة صغيرة يمكن أن تُربك فكرة “النظام” داخل بيتٍ عاش طويلًا على الإيقاع نفسه.
فالبيوت التي تغرق في التكرار تُشبه العقول حين تدور حول ذات الفكرة؛
مع الوقت تتحول الجدران إلى حدود
والهواء إلى ذاكرةٍ قديمة
تكتفي بإعادة نفسها بدل أن تتجدد.
ظهرت الذبّانة عند حافة المساحة المألوفة،
وكأنها كائن جاء ليُخبرهم بأن أصغر الكائنات
قد تصبح مرآة لأعمق الأسئلة:
ما الذي يحدث حين يدخل “آخر” إلى عالم مغلق
هل نخشاه لأنه يهدد المكان…
أم لأنه يذكّرنا بأننا نحن المحبوسون؟
كان الأطفال وحدهم القادرين على رؤية الحقيقة.
فالكبار يعتادون الأسر دون أن يشعروا
أما الأطفال فيرتبكون حين يضيق الهواء
ويفهمون على نحوٍ غامض
أن الحرية ليست شيئًا يمكن تفسيره
بل شيئًا يُشبه غريزة الطيران.
حين قال أحدهم:
— أظن أنها تحمل بيضًا
لم يكن يتحدث عن ذبّانة
بل عن إمكانية الانفجار الداخلي
عن تلك اللحظة التي تفقس فيها الأشياء المخبّأة
وتملأ المكان بما لم يعد يحتمل.
إن تخوّفهم من تكاثر الذباب
كان في الحقيقة خوفًا من تكاثر ما يخنقهم
من الأسرار التي لا تُقال
من الرغبات التي لا تُفتح لها نافذة
من الأفكار التي تبقى بلا ضو
فتتحول إلى دوائر مُظلمة داخل النفس.
تجمعوا حول الذبّانة
كما لو أنهم يحيطون بمفهوم لا يستطيعون فهمه.
ولما حملوها بأصابع صغيرة مرتعشة
وتوجهوا نحو الباب
كانوا في الحقيقة يحملون نسخة مصغرة من ذواتهم
كائنًا يريد الخروج
لكنه لا يملك إلا جناحين صغيرين ورغبة غامضة.
قال الأصغر:
— سنرميها خارج البيت… هناك تستطيع أن تطير.
وكان هذا إعلانًا أوليًا للحرية
ليس للذبّانة وحدها،
بل لذلك الجزء في كل واحدٍ منهم
الذي يحاول أن يعرف:
هل يمكن للداخل أن يتحرر بدون أن يخرج
وهل يملك الإنسان بابًا داخليًا
كما تملك البيوت أبوابًا تُفتح وتُغلق؟
وحين قُذفت الذبّانة إلى الضوء
ارتفعت كأنها تحمل معها
شيئًا لم ينتبه إليه أحد:
ثقل البيت،
ازدحام الصمت
عبء الهواء الذي طالت إقامته.
في تلك اللحظة
لم يفهم الأطفال ما الذي تغير
لكنهم شعروا بانفراجة خفيفة في صدورهم
كأن جناحًا ما تحرك في الداخل.
ظلّ الباب مفتوحًا لثوانٍ أطول من العادة،
وفي تلك الثواني
كان البيت يختبر نفسه:
هل يريد استعادة هوائه القديم؟
أم يحنّ للتيار الذي يلمس الحرية من بعيد؟
لأن الحقيقة التي لم يدركوها بعد
هي أن الذبّانة لم تكن المشكلة…
وأن البيض الذي قد يفقس
لم يكن في بطنها
بل في داخل كل روحٍ تخشى أن تكبر
وتخشى أكثر أن وتنفتح على الضوء.
د. صباح الجهني


ذبابة اولادي كانت بالنسبه لي بدايه تمرد وكلماتك كانت شعلة نور ارتني حقيقه التمرد المزعوم شكرا صباح
ردحذفهههه يبدو إن الذبانة عندكم فاهمة الحرية أكثر منّا 😂
حذفإذا مجرد ذبانة بدأت العصيان… فأنا أخاف يوم يطالب النمل بحقوقه!
سعيدة إن كلماتي صارت دليل تمردكم المنزلي الصغير.