الكرامة المُهمَّشة






الكرامة المُهمَّشة 


الكرامة لا تموت بضربةٍ واحدة.

ولا تُنتزع في مشهدٍ درامي واضح يشهد عليه الجميع.

الكرامة تُهمَّش ببطء… 

في الزوايا الصغيرة، في التفاصيل العابرة، في الأماكن التي لا يلتفت إليها أحد.

تبدأ الكرامة بالتشقق حين نبدأ بتصغير أنفسنا من أجل أن لا نخسر الآخر.

حين نعتذر لأننا خائفون من فقدان علاقة أو فرصة أو قبول اجتماعي.

حين نقول “لا بأس” ونحن نعلم أن كل شيء في الداخل ليس بخير.

حين نبتسم كي تخفّ حدة الانكسار،.

ونساير كي لا نخسر السلام المؤقت.

ونبرر كي لا نبدو قساة.

الكرامة تُهمَّش .

حين نقيس قيمتنا بعيون الناس، لا بوعي الداخل…

وحين يصبح رأي الآخرين أكثر سلطة من صورتنا الحقيقية أمام أنفسنا.

لا أحد يسرق الكرامة منّا بالقوة… 

نحن نُسلّمها أحيانًا 

ونحن نحسب أننا نتصرف بحكمة.

أو نتنازل لأننا نخشى الوحدة.

أو نتسامح باسم التسامي الروحي.

بينما الحقيقة أننا كنّا نهرب من مواجهة الحقيقة القاسية.

أننا لم نعد نعرف كيف نضع حدودًا.

الكرامة 

ليست صوتًا عاليًا ولا ردًا انتقاميًا…

الكرامة

 هي ذاك الخط اللامرئي الذي يفصل بين “أنا أقدّر نفسي” و “أنا أتنازل لأستمر بأي ثمن”.

الكرامة المُهمَّشة 

لا يراها الآخر كثيرًا… لكنها تترك أثرًا ثقيلًا في الداخل.

تشويش في الرؤية، ضياع في الهوية.

خمول في الوعي، وتعب ليس له اسم.

حتى تبدأ التساؤلات الوجودية بالظهور:

من أنا عندما أسمح لأحد أن يقلل مني؟

ومن أنا حين أقبل أن أعيش في مساحة لا تليق بي؟

وأي قيمة للنجاة إن جاءت بوزن إلغاء ذاتي؟

الاسترداد يبدأ من لحظة صدق واحدة.

لحظة

 نرى فيها ملامح أنفسنا القديمة التي كادت تغيب.

لحظة 

نقرر فيها أن “البقاء” ليس شرطًا إن كان الثمن سقوطنا الداخلي.

نستعيد الكرامة عندما نتوقف عن الدخول في المعارك التي تُصغّرنا…

وعندما نتوقف عن الانتظار في أبواب لا تُفتح لنا…

وعندما نقرر أن نختار أنفسنا أولًا، بلا خوف، بلا تبرير، بلا شعور بالذنب.

هكذا تعود الكرامة من بعدها، ليس بوصفها عودة قوة… 

بل بوصفها عودة وعي.



د.صباح الجهني 

تعليقات

  1. عوده الوعي افضل من فقدانه للابد

    ردحذف
  2. كلام يدل عن وعي وعقلانية ومفهوم عميق بين السطور وإحساس يختبئ وراء الأحرف 🪷🪷

    ردحذف

إرسال تعليق

المشاركات الشائعة