سيئٌ جدًا أن نعتقد بشيء،والأسوأ أن
يحدث خلاف ما اعتقدناه.
ذلك الارتطام المزعج،الذي يحدث انفجارًا
غير مسبوق..يشبه القنابل العنقودية، يجعلك أقوى وأنتِ تقاومين تلك الحرب،مستخدمة
أخف أنواع الأسلحة،فقط كي لا تغرقي الجميع.
فأنتِ واحدة من ركاب هذه السفينة..لكن
حماقة البعض تشل تفكيرك،فلا تعلمين، ولا تعرفين ماذا تفعلين.
ربما كلماتنا الصريحة أحيانًا،هي ما
يجعل لنا مكانًا مختلفًا عن ذاك الذي كنا نرسمه في خيالنا.
قد يتعرض الناس،باسم الصداقة،لتطفلٍ
غير مرغوب فيه..ويظل السؤال: لماذا؟!
هناك أشياء كثيرة لا يمكن أن تكون
أساسًا للحب،حتى تلك الدعوات التي تتلفع برداء "المحبة ".
المؤلم في الأمر،أن الكثير يفضحهم بريق
عيونهم ونبرات أصواتهم…
رن هاتفي..نظرت إليه،فإذا بها هنادي.
كنت أنتظر هذا الاتصال..كنت مرهقة وأحتاج
للخروج،للحديث معها.هي الوحيدة التي تفهم ما أقول.لا أعلم لماذا؟!
رغم أن معرفتي بها لا تتعدى الشهرين،إلا
أنها أكثر إنسانة انسجمت معها.
رفعت سماعة الهاتف بسرعة:
مساء الخير!
كنت أرغب بالاتصال بك،لكنكِ سبقتني.
ضحكت.. القلوب تشعر بمن تحب.
نعم،صدقت.
قالت: "ما رأيك نخرج ونتناول
فنجان قهوة"؟
نزلت مسرعة،أجمع أغراضي حتى لا أتأخر.
في مكان مزدحم،والفوضى متناثرة حولنا،ثمة
أمور لا يمكن الحديث عنها.مثل شظايا الحرب،تغرز في الجسد وتبقى حتى الموت.
هكذا هي صديقتي الجديدة..تتحدث عن الحب
والخذلان وكأنهما صفة اتصفت بهما.
كان حديثنا غالبًا يدور حول محطات
الحياة.العقبات،الصعاب،كانت القاسم المشترك بيننا،وليس فقط حب الحياة.صحيح أن
نظرتها تقليدية أحيانًا،لكنها جميلة. فيها تقبل للآخر،بلا تعصب،وتترك لك مساحة..لا
تتعداها ولا تتدخل فيها.
رغم اختلاف المكان،كانت كثير من الأحداث
بيننا متشابهة.
ولم تخل تعليقاتنا من الابتسامة.لا
أعلم،أهو الرضا؟ أم الصدمة من هذه الحياة التي وضعتنا في حيرة؟!
نصمت أحيانًا ونحن نرتشف القهوة،تتقاطع نظراتنا،فيكون حديث العيون أقوى من الكلمات.
تلك الترجمة الصامتة كانت تتقنها جيدًا.
الشيء الذي لم أفهمه:استمرارها في
علاقات لا توافق فيها..لا فكريًا،ولا اجتماعيًا، ولا ثقافيًا!
لم أستطع معرفة الأسباب التي تدفع
عقلًا واعيًا مثلها للاختلاط مع هؤلاء،هل من الممكن أن يكون الخوف من المستقبل هو
ما يجعلنا ضعفاء؟
ذلك الصراخ اليومي لكلماتنا،الذي بات
متنفسنا الوحيد،ربما هو ما جعلها تنقاد للجلوس معهم.
لكن..كثير من الانتقادات،تترافق مع
ابتسامات مريرة،لا نعرف لمن،ولا لماذا.
ربما هي محاولة لإقناع الذات بما يرفضه
العقل.
شيء ما يطفو في رأسها.. إلا أن الصدفة،وحدها،تعلمنا
من هؤلاء،وعن أي شيء يتحدثون.
غباء الآخرين يجعلنا نبدو أغبياء في
أعينهم.
العفن المسيطر على قلوبهم يجعلهم يرون
الحياة من ثقوب صغيرة،على حوافها قاذورات،لا ترى بوضوح.
حتى نظراتهم تدعو للاشمئزاز،بل إن
رائحة عقولهم تغلب على رائحة أجسادهم.
وفي كل مرة نلتقي فيها،نشعر ببساطة
الأمور.. وإن كانت عكس ذلك.
الدموع…
العتاب…
نرفض الحديث عنها،لكننا نشعر بأنها
الحقيقة.
وقلب الإنسان دليله.
يوم الجمعة.. ذلك اليوم المقدس،عندما
يأتي يغير كل شيء،حتى بداية الأسبوع.
تشعرين أن الحياة فيه مختلفة تمامًا،وكأنكِ
عدتِ إلى أيام الجاهلية.
رغم أن العرب كانت تعتبر السبت بداية
الأسبوع،إلا أن الجمعة أصبحت في ذهني، رمزًا لحالة غريبة.
حتى صفة العربدة " بكل ما تحمل من
سوء " لا تليق إلا بأولئك المخادعين والمرتزقة.
يخيل لي أنهم اجتمعوا هنا،في هذا اليوم..لا
أعلم لماذا،لكن هذا ما أشعر به.
أتوقف هنا....
د. صباح الجهني
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق